“جهاد النكاح”.. هل ابتدعته الحكومة التونسية للهرب من أزمتها؟


رغم الانتشار الواسع لرواية وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو حول عودة عشرات التونسيات الحوامل من سوريا بعد ممارستهن ما أطلق عليه “جهاد النكاح”، فإن مصداقية الرواية باتت على المحك بعد إحجام وزارة الداخلية التونسية عن تقديم دليلٍ واحدٍ على وجود “المجاهدات”، ناهيك عن فشل مراسلي وكلات الأنباء والصحف العالمية في العثور على فتاةٍ واحدةٍ من الضحايا اللاتي تحدث عنهن بن جدو.

مجلة “فورين بوليسي” الأميركية التقت عضو منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تونس آمنة قلالي، والتي أكدت أن كل ما ورد عن “جهاد النكاح”، اقتصر على الروايات العامة دون التطرق إلى تفاصيل حالةٍ بعينها، “فلا أملك سوى معلوماتٍ قليلة عن الموضوع، وهذا ما يعاني منه الصحافيون والباحثون في مجال حقوق الإنسان”.

قلالي لم تستبعد لجوء الحكومة – التي تقودها حركة النهضة – لرواية “جهاد النكاح” للتهرب من الضغوط الشعبية التي تلاحقها، سيما فيما يتعلق بمنح المرأة المزيد من الحريات، كالسماح لها بالسفر دون إذن مسبق من ولي أمرها.

تصريحات بن جدو جاءت في معرض تبريره لقانون محلي يحظر سفر المرأة دون إذن مسبق من ولي أمرها، حيث اعتبر أن تعديل القانون سيتسبب في وقوع المزيد من التونسيات ضحايا لـ “جهاد النكاح”، وفتح الباب لصاحبات الفكر السلفي للسفر إلى سوريا وإقامة علاقات جنسية مع المقاتلين هناك.

وكانت رواية “جهاد النكاح” انتشرت عبر وسائل الإعلام منذ أشهر، مستندةً إلى فتوى أطلقها الشيخ السعودي محمد العريفي، إلا أن الأخير نفى مراراً إصدار تلك الفتوى عبر حسابه في “تويتر”، دون أن يمنع ذلك بن جدو من أن يكون أول مصدرٍ حكوميٍ رسمي يقر بوجود الظاهرة.

تصريحات وزير الداخلية التونسي لاقت ترحيباً كبيراً لدى وسائل الإعلام الموالية لنظام بشار الأسد، حيث بثّ التلفزيون السوري الرسمي قبل أيام اعترافات لفتاة تبلغ من العمر 16 عاماً وتدعى روان قداح، ذكرت فيها أنها شاركت في “جهاد النكاح”، الأمر الذي لاقى استياء المعارضة السورية التي اتهتم النظام بإجبار قدّاح على تقديم هذه الاعترافات.

الدليل الوحيد على وجود “جهاد النكاح” لم يأت من سوريا، بل من تونس نفسها، حيث أعلنت قوات الأمن إلقاء القبض على عددٍ من الفتيات اللاتي تورطن بممارسة الظاهرة المزعومة مع المتطرفين الذين يقاتلون الجيش التونسي في جبال الشعابي، وأكدت قلالي على لقائها بوالدة إحدى “المجاهدات” ممن تورطن بالعمل مع جماعة “أنصار الشريعة” المتطرفة.

“جهاد النكاح” في سوريا يبقى أقرب إلى الخيال منه إلى الحقيقة، وسط امتناع الحكومة التونسية عن الكشف عن أدلة على وجوده، سواءً من وزارة الداخلية التي أطلقت التصريحات، أو حتى وزارة شؤون المرأة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون

مادة اعلانية

تابعنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي

قالب للعرض 2 تصميم بلوجرام جميع الحقوق محفوظة 2014

صور المظاهر بواسطة sndr. يتم التشغيل بواسطة Blogger.